قلت: ليس للحديث عند هؤلاء وغيرهم إلا سند واحد من رواية الحسين بن واقد عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه، ومن طريقه أخرجه أيضًا القضاعي في مسند الشهاب، والبيهقي في السنن [٧/ ١٣٥]:
قال في الكبير: وهذا المتن أورده ابن الجوزي في الموضوعات وقعقع المؤلف عليه وأبرق وأرعد وما ضره ذلك شيئًا، فإن ابن الجوزي أورده بسند غير سند البخاري، وقال: إنه من ذلك [الطريق] موضوع وليس حكم على المتن.
قلت: بل ضره ذلك غاية الضرر وأبان عدم اطلاعه وبعده من التحقيق والدراية، وما قال [المصنف] هذا في هذا الحديث قط، بل كل حديث يورده ابن الجوزي ويتعقبه المصنف عليه يقول عنه الشارح مثل هذا البهتان.
أما قوله: إن ابن الجوزي حكم بوضعه [١/ ٢٢٩] من ذلك الطريق ولم يرد الحكم على المتن -فجهل منه باصطلاح ابن الجوزي على العموم، وكذب منه في هذا الحديث على الخصوص، فإن الذي يحكم على الأسانيد دون المتون هي الكتب المؤلفة في الرجال والعلل لا سيما كتب الأقدمين، كعلي بن المديني وأحمد وأبي زرعة وأبي حاتم والبخاري وابن عدي والدارقطني، أما الكتب المؤلفة في الموضوعات فإنما يقصد منها أصحابها المتون دون الأسانيد وإذا قصدوا الأسانيد على قلة فإنهم يصرحون بذلك فيقولون: هو بهذا الإسناد باطل، وهو صحيح من وجه كذا، وابن الجوزي لم يفعل ذلك في هذا الحديث فكان حكمه على المتن لا على الإسناد.