محمد بن سوقة قال: حدثني [ابن محمد](١) بن المنكدر قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن هذا الدين متين. . . ".
قال البخاري [١/ ١/ ١٠٣]: ورواه أبو عقيل يحيى عن ابن سوقة عن ابن المنكدر عن جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والأول أصح.
وأما حديث عبد اللَّه بن عمرو فلا يدخل في الاضطراب في هذا الحديث، لأنه مروي من وجه آخر من طريق الليث عن ابن عجلان عن مولى لعمر بن عبد العزيز عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال:"إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك، فإن المنبت لا سفرًا قطع ولا ظهرًا أبقى، فاعمل عمل إمرئ يظن أن لن يموت أبدا، واحذر حذر امرئ يخشى أن يموت غدا". رواه البيهقي هكذا مطولًا مجودًا.
ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده، وابن قتيبة في عيون الأخبار، وابن زنجويه، والديلمي في مسند الفردوس مختصرًا، وبعضهم وقفه على عبد اللَّه ابن عمرو مع اختصار متنه، فهذا حديث آخر غير حديث الباب، وهذا هو الذي اختصره بعضهم، ورواه بالمعنى فجاء بذاك اللفظ الباطل الموضوع المتداول بين الناس لاسيما جهلة الخطباء والمدرسين منهم وهو:"اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا"، فإنه لا أصل له من حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كما بينته في كتاب أفردته لذلك سميته:"إياك من الاغترار بحديث: اعمل لدنياك"، واختصرته في جزء صغير سميته:"سبل الهدى إلى إبطال حديث: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا" وهذا الاختصار طبع مرتين والحمد للَّه على فضله وامتنانه.