للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلت: كل ما قاله الشارح باطل لا أصل له فحديث جابر ليس فيه ما ذكره، بل فيه: "حتى إذا كان آخر طوافه على المروة قال: لو أنى استقبلت من أمرى ما استدبرت لم أسق الهدى وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدى فليحل وليجعلها عمرة، فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول اللَّه ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أصابعه واحدة في الأخرى وقال: دخلت العمرة في الحج -مرتين- لا بل لأبد آبد".

وحديث ابن عباس أخرجه مسلم في صحيحه [٢/ ٩١١] من طريق شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هذه عمرة استمتعنا بها فمن لم يكن عنده الهدى فليحل الحل كله، فإن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة" فليس هو بغريب ولا ضعيف كما يقول الشارح، وليس في سنده أيضًا داود بن يزيد، ولا عبد الملك بن ميسرة، بل الشارح نقل ذلك من حديث إلى حديث، فالحافظ ما قال شيئًا من ذلك أصلًا، وأغرب من هذا قوله: عن ابن عباس مرسلًا، وقد وقع ذلك فى بعض نسخ المتن، وما أراه إلا منقولًا من الشارح، نعم حديث ابن عباس طعن فيه أبو داود، فإنه رواه عن عثمان بن أبي شيبة عن محمد بن جعفر عن شعبة به، ثم قال: هذا منكر، إنما هو قول ابن عباس اهـ.

وهو واهم في ذلك فرجال الإسناد كلهم ثقات رجال الصحيح، وهو في الصحيح أيضًا، وقد تعقبه الحافظ المنذرى فقال: وفيما قاله أبو داود نظر، وذلك أنه رواه أحمد بن حنبل، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، ومحمد بن جعفر عن شعبة مرفوعًا، ورواه أيضًا يزيد بن هارون، ومعاذ العنبرى، وأبو داود الطيالسى، وعمرو بن مرزوق عن شعبة مرفوعًا، وتقصير من يقصر به من الرواة لا يؤثر فيما أثبته الحفاظ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>