الشارح على أوهامه الفاحشة، بل الشارح لا يفهم كلام الحفاظ، فأبو داود [رقم: ٤٣٠٢] روى هذا الحديث من حديث أبي سُكَينة عن رجل من الصحابة، ثم روى في باب آخر حديثًا آخر من رواية أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبد اللَّه بن عمرو مرفوعًا:"اتركوا الحبشة ما تركوكم، فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة" فهذا حديث وذاك آخر، وهذا الأخير هو الذي قال عنه الديلمى: رواه أبو داود من حديث ابن عمرو، فخلطهما الشارح خلطا.
زاد الشارح: في مكارم الأخلاق عن أنس، زاد الشارح: قال -يعنى أنس في هذا الحديث-: "ينادى مناد يوم القيامة: دعوا الدنيا. . . " إلخ.
وقال في الكبير: ظاهره أنه لم يره مخرجًا لأشهر من ابن لال وإلا لما عدل إليه واقتصر عليه والأمر بخلافه، بل خرجه باللفظ المزبور -عن أنس- البزار وقال: لا يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا من هذا الوجه، وقال الهيثمى كشيخه العراقى: فيه هانئ بن المتوكل، ضعفوه.
قلت: نوادر الشارح ينبغى أن يذيل بها على أخبار الحمقى والمغفلين، فإنها -واللَّه- من أطرف ما يتسلى به العاقلون، فانظر إلى قوله:"ينادى مناد يوم القيامة: دعوا الدنيا لأهلها. . . " إلخ. وتعجب، وانظر هل يمكن أن يصدر هذا ممن له مسكة عقل وإيمان بالبعث، فهل في الآخرة -وبيد الناس- يوم القيامة تجارة وحراثة ودنيا حتى يقال لهم: دعوا الدنيا؟! فهل بعد هذه الغفلة من غفلة؟! نسأل اللَّه العافية.
فالحديث فيه عن أنس أنه قال:"ينادى مناد: دعوا الدنيا" يعنى: ينادى ملك