قلت: من نظر إلى ظاهر سند الحديث يرى الحكم بحسنه بعيدًا؛ لأنه من رواية على بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة عن معاذ، وعلى بن زيد وشيخه ضعيفان، لا سيما القاسم فإنه أشد ضعفًا من ابن جذعان.
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا إسماعيل الصفار في جزئه قال:
حدثنا محمد بن صالح أبو بكر ثنا قحيم ثنا الواجد ثنا عثمان بن أبي العاتكة عن على بن زيد به مثله.
لكن من نظر إلى طرق الحديث ومتنه علم أنه صحيح كما حكم به المصنف، فإن المتن المذكور هنا قطعة من حديث معاذ الطويل المعروف الذي خرجه أحمد والترمذى والنسائى وابن ماجه، وآخرون من رواية أبي وائل عن معاذ، وأبو وائل وإن كان مختلفًا في سماعه من معاذ إلا أنه أدركه بالسن، وليس من البعيد أن يكون سمع منه، ولذلك قال الترمذى عن الحديث أنه حسن صحيح.
وله طريق آخر من رواية شهر بن حوشب عن معاذ، أخرجه أحمد [٥/ ٢٣١]، والبزار، والطبرانى [٢/ ٦٣، رقم ١١٥]، وشهر فيه مقال ولم يسمع من معاذ إلا أن الحديث ورد من روايته عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ أخرجه أحمد بنحوه.
وله طريق آخر أيضًا من رواية ميمون بن أبي شيبة عن معاذ، أخرجه البيهقى في الشعب (١) وغيره، وميمون قد قيل: إنه لم يسمع من أحد من الصحابة، إلا أن هذه الطرق الكثيرة تثبت شهرة الحديث عن معاذ وصحته عنه كما حكم به الترمذى والمصنف، والحديث إنما يحكم عليه بالنظر إلى مجموع
(١) لم أجد في الباب السادس والعشرين من شعب الإيمان -وهو باب في الجهاد- رواية ميمون بن أبي شيبة، وإنما رواية شعبة عن الحكم عن عروة بن النزال أو النزال بن عروة عن معاذ، انظر (٤/ ١٣، رقم ٤٢٢٥) ولعله في مكان آخر من الشعب، واللَّه أعلم.