داود والبيهقى خرجاه بطرق كلها واهية، والواقع أنهما لم يخرجاه إلا من طريق واحد وإنما نص أبو داود على أن له طرقا، ومعلوم ضرورة أنه لا يقال فيمن نص على أن للحديث طرقا ولم يخرجها أنه أخرجه من طرق متعددة.
الثانى: أنه قال في حديث أبي بكرة المذكور في المتن قبل هذا مباشرة: أن سنده حسن، ثم عقب ذلك بقوله هنا: طرقه كلها واهية فهو من التناقض العجيب الغريب.
الثالث: أن أبا داود قال هذا بالنسبة لأصل الحديث، فإن هذه القطعة وردت أثناء حديث طويل اقتصر منه أبو داود على جمل، كما اقتصر غيره من المخرجين على جمل أخرى، وإنما خرجه بطوله بعضهم فقط كما سأذكره، قال أبو داود [رقم: ١٤٨٥]:
حدثنا عبد اللَّه بن مسلمة ثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن عن عبد اللَّه بن يعقوب بن إسحاق عن محمد حدثه عن محمد بن كعب القرظى عن ابن عباس مرفوعًا:"لا تستروا الجدر، من نظر في كتاب أخيه بغير أذنه فإنما ينظر في النار، سلوا اللَّه ببطون أكفكم. . " الحديث.
ثم قال أبو داود: ما نقله عنه الشارح.
والحديث أخرجه ابن ماجه [رقم: ٣٨٦٦]، وابن حبان في الضعفاء [١/ ٣٦٨] كلاهما من رواية صالح بن حسان عن محمد بن كعب القرظى عن ابن عباس به مرفوعًا مقتصرا على قوله: "إذا دعوت اللَّه فادع ببطون كفيك ولا تدع بظهورهما، فإذا فرغت فامسح بهما وجهك".
وضعف ابن حبان صالح بن حسان، وقال: إنه كان صاحب قينات وسماع، وكان ممن يروى الموضوعات عن الأثبات.
قلت: لكنه لم ينفرد بالحديث عن محمد بن كعب القرظى بل رواه عنه جماعة منهم أبو المقدام هشام بن زياد، ومصادف بن زياد، وعيسى بن ميمون،