الثالث: لا يخلو أن يكون الغرض من ذكر المحاربى والإفريقى اعتقاد أنهما في سند الطبرانى أيضًا وجهل أمرهما الهيثمى، أو اعتقاد أنهما عند البيهقى وحده دون الطبرانى، فإن كان الأول: فهو سفه من الشارح وسخافة، إذ يعتقد في مثل الحافظ الهيثمى مثل هذا الجهل العظيم بالرجال حتى يتعرض لتعليل الحديث بخديج الذي هو مستور، ويسكت عن الإفريقى الضعيف المشهور بالضعف، ثم بعد هذا فإنه قال في الشرح الصغير عن هذا الحديث: إسناده حسن، فكيف يكون حسنًا من اجتمع فيه ثلاثة من الضعفاء في نظره؟! بل كيف يحسن من فيه الإفريقى وحده؟! وإن كان الثانى: فهو تسويد للورق بما لا طائل تحته، فإن أسانيد المخرجين وطرقهم إلى صاحب الحديث المتفرد به تختلف باختلاف البلدان والأزمان، فكم حديث صحيح متفق عليه وقع في أسانيده عند بعض مخرجيه من هو من الضعفاء والكذابين كما هو معلوم، وهذا الحديث قد رواه الطبرانى ولم يقع فيه إلا خديج الذي تعرض له النور الهيثمى، ورواه البيهقى [رقم ٤٧٣٣] من طريق المحاربى والإفريقى، ورواه ابن مردك في فوائده تخريج الدارقطنى، فلم يقع فيه إلا الإفريقى عن خديج، قال ابن مردك:
حدثنا الحسين بن صالح بن عبد اللَّه بردعة ثنا زيد بن إسماعيل الصانع ثنا أبو بدر شجاع بن الوليد ثنا الإفريقى -يعنى: عبد الرحمن بن زياد- ثنا خديج ابن صوفى عن عبد اللَّه بن عمرو به، بلفظ:"الغفلة ثلاثة والباقى سواء".