واتفق هؤلاء وغيرهم على تضعيف هذا الحديث وتوهينه فقال العقيلى: ليس له أصل من حديث بهز ولا من حديث غيره ولا يتابع عليه من طريق يثبت، وقال البيهقى: هذا حديث يعرف بالجارود بن يزيد النيسابورى وأنكره عليه أهل العلم بالحديث، سمعت أبا عبد اللَّه الحافظ يقول: سمعت أبا عبد اللَّه محمد بن يعقوب الحافظ غير مرة يقول: كان أبو بكر الجارودى إذا مر بقبر جده في مقبرة الحسين بن معاذ يقول: يا أبة لو لم تحدث بحديث بهز بن حكيم لزرتك، قال البيهقى: وقد سرقه منه جماعة من الضعفاء فرووه عن بهز بن حكيم ولم يصح فيه شيء اهـ.
وقال أيضًا في شعب الإيمان: هذا يعد في أفراد الجارود، وقد روى عن غيره وليس بشيء، ثم أسند عن الحاكم حديث العلاء بن بشر ونقل عنه أنه قال: هذا غير صحيح ولا معتمد، قال البيهقى: وهذا إن صح فإنما أراد به فاجرا معلنا بفجوره، أو هو ممن يعتمد في أمور الناس ويتعلق به شيء من الديانات فيحتاج إلى بيان حاله لئلا يعتمد عليه اهـ.
وذكره ابن حبان في ترجمة الجارود، ثم أسند عن أحمد بن حنبل أنه قال: هذا حديث منكر، وأطال ابن عدى في تضعيفه وبيان علله، وقال: كل من روى هذا الحديث فهو ضعيف، وقال الخطيب: روى أيضًا عن الثورى والنضر بن شميل ويزيد بن حكيم عن بهز ولا يثبت عن واحد منهم ذلك، والمحفوظ أن الجارود تفرد برواية هذا الحديث.
قلت: في المحدثين عادة قبيحة هي تقيد السابق منهم والاعتماد على ما يقول من غير تأمل ولا روية، ومع صرف النظر عن التحقيق والاستدلال والبحث فيما يؤيد قول ذلك السابق أو يبطله ويرده لأنهم ليسوا أهل نظر واستدلال، وإنما أهل رواية وإسناد، فإذا قال واحد منهم مثل أحمد وابن معين وأبي حاتم وأبي زرعة في حديث أو رجل قولا، فكل من جاء بعدهم سيعتمد ذلك