والحافظ الهيثمى واهم في قوله: رجاله موثقون، لأن الحديث من رواية عبيس بن ميمون، وعبيس بعين مضمومة بعدها باء موحدة تصغير عبس.
والهيثمى تحرف عليه بعيسى بن ميمون الجرشى المكى وهو ثقة (١) وكلاهما في طبقة واحدة، لكن عبيس راوى هذا الحديث واه، قال أحمد والبخارى منكر الحديث، وقال الفلاس: متروك، وقال النسائى: ليس بثقة، وقال ابن معين وأبو داود: ضعيف، وقال ابن حبان: كان شيخا مغفلا يروى عن الثقات الأشياء الموضوعات توهما لا تعمدا فإذا سمعها أهل [الفن] سبق إلى قلوبهم أنه كان المتعمد لها.
قلت: إى واللَّه فإنه بمجرد ما رأينا هذا الحديث علمنا لركاكة لفظه ومعناه أنه باطل وتوقفنا في قول الحافظ نور الدين إن رجاله موثقون، إلى أن وقفنا عليه في الضعفاء لابن حبان فارتفع التوقف وصدق الظن والحمد للَّه.
قال ابن حبان [٢/ ١٢٠، ١٢١]:
حدثنا الحسن بن سفيان ثنا إبراهيم بن الحجاج ثنا عبيس بن ميمون قال: سمعت بكر بن عبد اللَّه المزنى يحدث عن ابن عمر قال: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . " فذكر مثله.
وهو في نقدنا مركب من قول الفقهاء: إن من ترك المسجد القريب منه وذهب إلى مسجد أبعد لا يثاب على ما زاده من الخطوات إلى المسجد الأبعد، تحجيرا منهم لفضل اللَّه تعالى بحسب نظرهم فأخذ هذا الرجل هذا المعنى وابتكر له هذا اللفظ وركب له الإسناد إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.