قال في الكبير: ورواه عنه الحاكم بنحوه وذكر بيان السبب، وهو أن سعدا قدم على سلمان يعوده فبكى، فقال سعد: ما يبكيك؟ توفى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو عنك راض وترد عليه الحوض، وتلقى أصحابك، فقال: ما أبكى جزعا من الموت ولا حرصا على الدنيا، ولكن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عهد إلينا:"لتكن بلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب"، وحولى هذه الأساود -أى الشخوص- قال: وإنما حوله أجانة وجفنة ومطهرة، فقال سعد: أعهد إلينا، فقال: يا سعد أذكر اللَّه عند همك إذا هممت، وعند يدك إذا قسمت، وعند حكمك إذا حكمت"، رواه الحاكم بطوله، وقال: صحيح، قال المنذرى: كذا قال.
قلت: فيه أمران، أحدهما: قوله: ورواه عنه الحاكم بنحوه وذكر بيان السبب. . . إلخ صريح في أن ابن ماجه الذي عزاه إليه المصنف لم يذكره بهذا السياق الذي سماه سببا وإنما ذكره الحاكم وحده وليس كذلك بل هو في سنن ابن ماجه كذلك أيضًا، قال ابن ماجه [رقم ٤١٠١]:
حدثنا الحسن بن أبي الربيع ثنا عبد الرزاق ثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال: "اشتكى سلمان فعاده سعد فرآه يبكى، فقال له سعد: ما يبكيك يا أخى؟ أليس قد صحبت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟، أليس، أليس؟ قال: ما أبكى واحدة من اثنتين، ما أبكى ضنا بالدنيا ولا كراهية للموت، ولكن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عهد إلى عهدا فما أرانى إلا قد تعديت، قال: وما عهد إليك؟ قال: عهد إلى أنه يكفى أحدكم مثل زاد الراكب. . . " الحديث مثله.
ثانيهما: أنه سمى هذه القصة التي جرت بين سعد وسلمان رضي اللَّه عنهما سببا للورود وليس كذلك، فإن سبب الحديث هو ما لأجله حدث به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا إنما هو سبب لتحديث سلمان به وهذا مما يغلط فيه كثير من الناس ليس الشارح وحده، ثم إن الحديث له طرق متعددة عن سلمان،