قال الشارح: ثم قال -يعنى الدارقطنى-: تفرد به عبد اللَّه بن عبد العزيز لا يساوى فلسا.
قلت: هذا كذب على الدارقطنى، وقد كذب الشارح نفسه في الكبير فقال: وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الدارقطنى خرجه وسلمه والأمر بخلافه، بل تعقبه ببيان حاله فقال: تفرد به عبد اللَّه بن عبد العزيز عن يحيى بن سعيد الأنصارى ولم يروه عنه غير الوليد بن عطاء، قال ابن الجوزى: قال ابن الجنيد: أما عبد العزيز فلا يساوى فلسا، حدث بأحاديث كذب اهـ.
فَبِّينٌ أن قوله: لا يساوى فلسا ليس من كلام الدارقطنى، بل من كلام ابن الجنيد الذي نقله ابن الجوزى.
ثم في كلامه هذا أمور، الأول: الكذب على صنيع المصنف، فإنه رمز للحديث بعلامة الضعيف.
الثانى: الجهل بمراد الدارقطنى أو الكذب عليه، فإن كلام الدارقطنى هذا لا يفهم منه تسليم ولا اعتراض، وإنما نص على تفرد الراوى بالحديث الذي هو موضوع كتابه الأفراد، فإنه موضوع للأحاديث التي انفرد بها راو ولم يروها غيره، إمَّا تفردا مطلقا، وإمَّا تفردا نسبيا، ثم أنه تارة يكون المتفرد ضعيفًا كهذا، وتارة يكون ثقة ككثير من الأحاديث الصحيحة المتفق عليها، ومنها حديث:"إنما الأعمال. . ".
فقوله: وظاهر صنيع المؤلف أنه سلمه والأمر بخلافه -جهل بقواعد الحديث؛ لظنه أن ذلك تعقب، وليس هو منه في شيء.
الثالث: أنه أطلق عبد اللَّه بن عبد العزيز، وهو في الرواة متعدد فكان فيه إيهام، والواقع أنه عبد اللَّه بن عبد العزيز بن أبي رواد.