استنكرها فلم يصنع شيئًا، بل هي ثابتة لا ينكر له التفرد في سعة ما روى، من ذلك حديث "كلاب الحوأب"، ثم قال الذهبى: أجمعوا على الاحتجاج به، ومن تكلم فيه فقد آذى نفسه نسأل اللَّه العافية وترك الهوى، فقد قال معاوية ابن صالح عن ابن معين: كان قيس أوثق من الزهرى اهـ.
فاعجب بعد هذا لقول الشارح: إن الذهبى أقر ابن القطان على قوله في قيس أنه منكر الحديث، وهكذا الحال فيما حكاه عنه من حكاية الاتفاق على تليينه، فإنه قال: فيه حجاج بن أرطأة الفقيه أبو أرطأة النخعى أحد الأعلام على لين فيه، ثم ذكر أنه روى عنه سفيان وشعبة وعبد الرزاق وطائفة، وقال الثورى: ما بقى أحد أعرف بما يخرج من رأسه منه، وقال أحمد: كان من الحفاظ، وقال ابن معين: ليس بالقوى وهو صدوق يدلس، وقال أبو حاتم: إذا قال أنبأنا فهو صالح لا يرتاب في صدقه وحفظه، قال: وخرج له مسلم مقرونًا بآخر. . . إلخ، فكيف يحكى الاتفاق على تليينه وهو يحكى ما سمعت؟.
وبعد، فالحديث صحيح كما قال المصنف لأن الحجاج بن أرطأة حديثه حسن، ولكنه ورد من طريق آخر رجاله رجال الصحيح، إلا أن المصنف لم يعزه إلى من خرجه للاختلاف في لفظ الحديث الذي لا يصح له ذكره هنا لأنه مصدر بحرف "الألف" قال أبو داود [٣/ ٤٦، رقم ٢٦٤٥] والترمذى [٤/ ١٥٥، رقم ١٦٠٤] كلاهما:
حدثنا هناد ثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد اللَّه "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: بعث سرية إلى خثعم واعتصم ناس بالسجود، فأسرع فيهم القتل، فبلغ ذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأمر لهم بنصف العقل وقال: أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قالوا: يا رسول اللَّه ولم؟ قال: لا تراءى ناراهما".
فهذا سند رجاله رجال الصحيح وإن اختلف في إرساله ووصله، إلا أن المقدم