قال في الكبير: وقضية تصرف المصنف أن الترمذى تفرد بإخراجه من بين الستة والأمر بخلافه، بل رواه أبو داود، قال ابن حجر: بسند صحيح على شرط مسلم عن أبي هريرة رفعه، "من بات وفي يده غمر لم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه"، فزاد على الترمذى قوله:"ولم يغسله" مع صحة إسناده، والقاعدة عندهم أن أبا داود مقدم في العزو إليه على الترمذى فإهماله العزو إليه مع صحة إسناده وزيادة متنه من سوء التصرف.
قلت: المصنف له وضع مخصوص في كتابه وهو مراعاة الحروف في أوائل الأحاديث وأوائل الكلمات، فرواية الترمذى [٤/ ٢٨٩، رقم ١٨٥٩] المذكورة هنا بلفظ: "من بات" فذكرها في حرف "من" بعدها "باء" بعدها "ألف"، وأما رواية أبي داود فهى بلفظ:"من نام" فموضعها حرف "من" بعدها "نون"، وكذلك فعل المصنف في الكبير وفي ذيل الصغير أيضًا، فذكر هذا ثم أعاده في حرف "من" مع "النون" وعزاه لأحمد [٢/ ٢٦٣] وأبي داود، والشارح يعرف هذا جيدًا ويتحققه يقينًا ولكنه يتغافل.
ثم هو يهرب من نقل الحديث من مصدره، والمؤلف الذي خرج فيه وهو "سنن أبي داود"، لأنه لو نقله منه لافتضح، وكذلك لا ينقله عمن يراعى الألفاظ غالبًا كالحافظ المنذرى في الترغيب وينقب عمن لا يراعى إلا متن الحديث ويحمل رواية بعض المخرجين على البعض الآخر، فيلبس بذلك على القارئين، كما نقل هذا الحديث عن الحافظ وترك نقله من السنن أو من الترغيب للمنذرى.