المخرجين ولا ينقله من الحفاظ إلا الأندر من النادر، فلو كان كلهم بذلك ملبسين لما كان في الدنيا إلا الملبسون الكذابون، ومعاذ اللَّه من ذلك.
ثم لو كان من الواجب نقل كلام المخرجين لكان ذلك غير واجب على الحفاظ المجتهدين أمثال المصنف؛ لأنه لا يلزمه رأى البيهقى الذي قد يكون مصيبا وقد يكون مخطئا كما وقع منه في هذا الحديث لا من جهة الإسناد ولا من جهة المعنى، أما الإسناد: فإن طلحة بن زيد وعثمان بن عبد الرحمن اللذين أعل الحديث بهما قد ورد الحديث من غير طريقهما، فبرئا من عهدته، قال الديلمى في مسند الفردوس:
أخبرنا أبي أخبرنا أبو معشر عبد السلام بن عبد الصمد الطبرى بمكة أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد البزار أبو الحسن ثنا جعفر بن محمد الصوفى وأحمد ابن عيسى بن الهيثم قالا: حدثنا الحسن بن على المعمرى حدثنى أبو همام الصلت بن محمد الحارثى ثنا إبراهيم بن حميد عن ثور حدثنى أبو الزبير عن جابر به، وله مع هذا شواهد.
وأما المعنى الذي ضعف البيهقى الحديث من أجله [٦/ ٤٦٤، رقم ٨٩١١]: وهو التعارض مع سلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالإشارة في الصلاة، فهو مدفوع من وجوه:
أحدها: أن ذلك كان في حالة اضطرار وضرورة؛ لأن رد السلام واجب من جهة ومن جهة أخرى فإن الأنصار الذين كانوا لا يعلمون بعدم جواز الكلام في الصلاة لحدوث المنع بعد الجواز قد يتأثرون [تأثرا] بالغا من عدم رد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فاقتضى الجمع بين المصالح المتعددة من أداء واجب الرد وجبر خاطر المسلم وتعليمه كيفية الرد في الصلاة أن يكون بالإشارة، وهذا كله يناقض حالة الاختيار ويخالفه فله حكم يخصه؛ لأن للضرورة أحكامها وهي تبيح المحظورات.