للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومعرفة دلائلهم والتفقه منها والتبصر بها والاهتداء بعلمهم والسير على طريقتهم لا على سبيل تقليدهم" (١).

وعليه فقد كان الرجل نسيج وحده وفريد عصره في ذلك المضمار ينئا بفكره عن التعصب والتزمت الممقوت، والذي كان صفة سائدة بين علماء ذلك الوقت وخاصة المالكية منهم، فكان يعتمد في اجتهاداته على استنباط الأحكام من أصولها وإلحاق الفروع بمعادنها الأولى دون إفراط ولا تفريط (٢)، لا يضره في ذلك مخالفته لمن خالف ما لم يخرق إجماعا معتبرا.

وقد أخطأ من زعم أنه كان ظاهرى المذهب أو أنه تبنى آراء ابن حزم في جملتها (٣) إذ ليس الأمر كذلك بل غايته أنه اعتمد قاعدة ابن حزم فى القياس ثم خالفه في الفروع التى تمسك فيها ابن حزم بظاهر النصوص تمسكا مبالغا فيه يبعد عن روح التشريع والغاية منه.

وكان يبغض كتب الفروع العارية عن الدليل بغضا شديدا ولا ينصح


(١) انظر "حياة الشيخ أحمد بن الصديق" لعبد اللَّه التليدي (ص ١٧) بتصرف.
(٢) بل كان ينهج منهجًا وسطًا في هذا المجال، فلا هو يقيس الأقيسة الفاسدة، ولا يلغي القياس بالجملة، وإنما يعتبر العلة التي اعتبرها الشارع فقط دونما تكلف في استباطها، ملتزمًا كل ذلك بما صح لديه من الدليل.
(٣) حدثنا بذلك شيخنا عبد اللَّه بن الصديق حيث ذكر أن أخاه السيد أحمد قبل وفاته بيسير كان قد رجع عن بعض آرائه الفقهية التي قلد فيها ابن حزم، لتبينه أن الصواب في خلافها.

<<  <  ج: ص:  >  >>