والحديث أورده ابن الجوزي من حديث أبي يعلى عن عائشة وحكم بوضعه، وتعقبه المؤلف بأن الخطيب رواه بسند هو أصلح طرقه فكان عليه أن يؤثره هنا.
قلت: هذا وهم من وجوه: أحدها: أن المؤلف لم يرمز لحسنه بل رمز لضعفه كما في النسخ المتداولة.
ثانيها: لو رمز لحسنه لكان لذلك وجه وجيه فقد برهن على ذلك بالحجج القوية والطرق المقبولة المعتبرة في هذا الباب، فإن ابن الجوزي [٢/ ٢١٧] أورده من رواية محمد بن الحسن بن زبالة: ثنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأعله هو ومن سبق مما حكى عنهم الشارح بمحمد بن الحسن بن زبالة لأنه كذاب، فتعقب ذلك المصنف بأنه لم ينفرد به بل ورد عن مالك من ثلاثة طرق أخرى:
الطريق الأول من رواية أبي غسان محمد بن يحيى بن علي المديني عن مالك، ذكره الخطيب في الرواة عن مالك.
الطريق الثاني من رواية ذويب بن عمامة السهمي عن مالك، أخرجه الخطيب في الرواة عن مالك أيضًا من طريق الطبراني عن المقدام بن داود ثنا ذؤيب بن عمامة السهمي ثنا مالك به، قال الخطيب: ورواه الداقطني عن الطبراني إجازة اهـ.
وذؤيب قال أبو زرعة: صدوق، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يعتبر حديثه من غير رواية شاذان عنه، واحتج به الحاكم في المستدرك، وقال الحافظ في اللسان [٢٦/ ٤٣٦]: هذا حديث معروف لمحمد بن الحسن بن زبالة عن مالك وهو متروك، وكأن ذؤيبا إنما سمعه منه فدلسه عن مالك اهـ.
وهذا مجرد ظن وزعم لا يستند إلى دليل يمكن دعوى مثله في كل متابعة، وحينئذ فلا يعتمد على متابعة ولا يفرح بوجودها أصلًا، وهذا باطل يكفي في بطلانه سماعه.