وقال في الكبير: قال الزين العراقي في أسانيده جياد، ورواه الحاكم من عدة طرق، ثم قال: هذه أسانيد تقوم بها الحجة وعده المؤلف من المتواتر.
قلت: في هذا تعقب على المصنف والشارح:
أما المصنف ففي عزوه الحديث إلى الأربعة وليس هو في سنن النسائي، وإنما هو عند أبي داود [رقم: ٤٥٩٦]، والترمذي [رقم: ٢٦٤٠]، وابن ماجه [رقم: ٣٩٩٢].
وأما الشارح ففي قوله: بأسانيد جيدة، وحكايته ذلك عن العراقي والحاكم، فإن حديث أبي هريرة بالاصطلاح العام ليس له إسناد واحد من رواية محمد ابن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وعن محمد بن عمرو تفرقت له الطرق وتعددت الأسانيد، وهذا لا يقال فيه له أسانيد إلا باصطلاح خاص، لأن مخرجه واحد لانفراد أبي سلمة به عن أبي هريرة، وانفراد محمد بن عمرو به عن أبي سلمة، ثم رواه عن محمد بن عمرو جماعة كما سأذكره، أما العراقي فلم يقل ذلك باعتبار حديث أبي هريرة بل باعتبار الحديث من أصله من رواية أبي هريرة وغيره، وكذلك قول الحاكم في المستدرك [١/ ١٢٨] فإنه قال ذلك بعد أن أورده عن محمد بن عمرو من طريقين، ثم أورده من حديث معاوية بن أبي سفيان، وبذلك يتعقب على الشارح في قوله: وعده المؤلف من التواتر فإنه لم يذكره في "الأزهار المتناثرة في الأحاديث التواترة" اللهم إلا أن يكون ذكر ذلك في غيره، على أنه لا يبعد القول بتواتره، فقد وقع لنا من طريق عدد يفيد العلم بصدوره عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذلك من حديث أبي هريرة وأنس بن مالك وعبد اللَّه بن عمرو، ومعاوية وسعد بن أبي وقاص، وعمرو بن عوف المزنى، وعلي بن أبي طالب وأبي الدرداء وابن عباس، وجابر بن عبد اللَّه وأبي أمامة وواثلة بن الأسقع، وعوف بن مالك وعبد اللَّه بن مسعود وقتادة مرسلًا.