وقد حكى ابن قتيبة في باب فعل وأفعل باتفاق المعنى: ملح الماء وأملح، بضم اللام منملح، فينبغي على هذا أن يقال: ماء مليح ومملح، ولا يستنكر أن يقال من هذا ماء مالح، على معنى النسب، كما قالوا: أدرس الشجر فهو دارس، وأبقل المكان فهو باقل.
وأما قولهم: سمك مالح، فلولا الرواية وما أنشدناه من الأشعار المتقدمة، لكان قياسه ألا يجوز، لأنه يقال: ملحت الشيء: إذا جعلت فيه الملح بقدر، فإن أكثرت فيه من الملح قلت: أملحت. فالقياس أن يقال: سمك مالح ومملوح، فإن أكثر فيه من الملح قيل سمك مملح. فأما ما حكوه من قولهم سمك مالح فينبغي أن يكون من المنسوب الذي يأتي فيه المفعول على لفظ فاعل، كقولهم: ماء دافق، وعيشة راضية، ونحو ذلك.
وحكى على بن حمزة عن بعض اللغويين: أنه يقال: ماء ملح. فإذا وصف الشيء بما فيه من الملوحة قلت: سمك مالح، وبقلة مالحة، قال: ولا يقال ماء مالح، لأن الماء هو الملح بعينه، وهذا قول غير معروف، وهو مع ذلك مخالف للقياس، لأن صفة الماء بأنه مالح، أقرب إلى القياس من وصف السمك، لأنهم قالوا: ملح الماء وأملح، فأسندوا إليه الفعل، كما يسند إلى الفاعل. ولم يقل ملح السم. إنما قالوا: ملحت السمك: إذا جعلت فيه الملح.
[٦] مسألة:
قال في هذا الباب: "ويقال قد فاظ الميت يفيظ فيظا ويفوظ فوظا هذا رواه الأصمعي، وأنشد لرؤبة - لا يدفنون فيهم من فاظا.