والثاني: أن يريد فاسأل بسؤالك إياه خبيراً. أي إذا سألته فقد سألت خبيراً عالماً، كما تقول: لقيت بزيد الأسد، أي لقيت الأسد بلقائي إياه. فالمسئول في هذا الوجه: هو الله عز وجل، والباء على وجهها والمسئول في الوجه الأول غير الله تعالى، والباء بمعنى عن والقول الثاني عندي أجود، وإن كان الأول غير بعيد.
[٥] مسألة:
وقال في هذا الباب:"رميت عن القوس، بمعنى: بالقوس، وأنشد لامريء القيس:
(تصد وتبدى عن أسيل وتتقى)
وقال: يريد باسيل، وحكى عن أبي عبيدة في قوله تعالى:(وما ينطق عن الهوى) أي بالهوى".
(قال المفسر): قد قال قبل هذا، إن قولهم: رميت على القوس، معناه: عن القوس، وأن (على) بمعنى (عن)، ثم ذكر هاهنا أن (عن) بمعنى الباء، فحصل من كلامه أن (على) بدل من (عن)، و (عن) بدل من الباء. فهي إذن بدل من بدل، وهذا غير صحيح، لأن (عن) في قولهم: رميت عن القوس، ليست ببدل من شيء، لأن معنى عن التجاوز، كقولك خرجت عن البلد. وهذا المعنى موجود في الرمي، لأن السهم يتجاوز القوس، ويسير عنها.