فهي على بابها، وكذلك قولهم: رميت بالقوس، ليست الباء فيه بدلا من حرف آخر، لأنه بمنزلة قول رميت بالحجر زيداً. والمعنى رميت السهم بالقوس، كما تقول: دفعته عن نفسي بالسيف.
وقد أنكر بعض اللغويين استعمال الباء هاهنا، وقال: لا يجوز رميت بالقوس إلا أن تلقيها عن يدك، وإنما الصواب: رميت عن القوس، كما قال طفيل:
رمت عن قسي الماسخي رجالنا ... بأجود ما يبتاع من نبل يثرب
وإنما أنكر هذا المنكر ذلك، لأنه توهم قولهم: رميت بالقوس، بمنزلة قولك: رميت بالشيء: إذا ألقيته عن يدك، وليس المعنى على ما ظن، إنما المعنى رميت السهم بالقوس، على ما ذكرناه.
وأما قوله في بيت امرئ القيس: إنه أراد بأسيل، فإنما يلزم ما قال، إذا جعل (عن) متعلقة بتصد، على إعمال الفعل الأول. فكان يجب على هذا أن يقول تعد بأسيل، كما تقول: صد بوجهه. وإذا جعلت (عن) متعلقة بتبدى، لم يلزم ما قال: لأنه يقول: أبديت عن الشيء: إذا أهرته، قال عبد بني الحسحاس - يصف ثوراً يحضر في أصل شجرة كناساً له: