(قال المفسر): هذا من مواضع (مِنْ) وجاز استعمال (إلى) هاهنا، لأن الري من الماء ونحوه لا يكون إلا عن ظمإ إليه. فلما كان الظمأ هو السبب الداعي إلى الرين استعمل الحرف الذي يتعدى به الظمأ، مكان الحرف الذي يتعدى به الري، فصار استعمالهم الحرف الذي يتعدى به أحد الضدين، مكان الحرف الذي يتعدى به ضده، كاستعمالهم (على) التي يتعدى بها السخط، مكان التي يتعدى بها الرضا في قوله:
(إذا رضيت على بنو قشير)
ويجوز أن يكون أراد يسقى ابن أحمر، فلا يروى ظمؤه إلىَّ، فترك ذكر الظمأ لما كان المعنى مفهوما، وليس ينبغي لك أن تستوحش من تركه ذكر الفاعل، لأنه قد أقام الضمير الذي كان مضافاً إليه مقامه، فصار مستتراً في الفعل. ألا ترى أن التقدير: فلا يروى هو، ويشبه هذا قولهم:(هذا جحر ضب خرب) في أحد القولين. ألا ترى