أجدكما لم تعلما أن جارنا ... أبا الحسل بالبيداء لا يتنور
ولم تعلما حمامنا في بلادنا ... إذا جعل الحرباء بالجذل يخطر
وقوله:(وينافسون في العلم) المنافسة: أن تشتد رغبة الرجل في الشيء، حتى يحسد غيره عليه أو يغبطه. وهي مشتقة من النفس، يراد ميل النفس إلى الأمر، وحرصها عليه. قوله:(ويرونه تلو المقدار) التلو: التابع. فإذا قلت:(تلو) بفتح التاء، فهو المصدر من تلوته أتلوه .. والمقدار هاهنا: بمعنى القدر الذي يراد به القضاء السابق.
ومعنى كون العلم تبعا للمقدار، أن الله تعالى قدر في سابق علمه، أن يكون العلم عزا لصاحبه وشرفا. والجهل ذلاً ومهانة، فيه النجاة، وبعدمه الهلاك. وإنما أخذ هذا من قوله صلى الله عليه وسلم:((من استرذل الله عبداً إلا حظر عليه العلم والأدب)).
وقد ألم أبو الطيب المتنبي بنحو هذا لمعنى في قوله:
كأن نوالك بعض القضاء ... فما تعط منه نجده جدوداً
ويجوز أن يريد بالمقدار، قيمة الإنسان. كما يقال: ما لفلان عندي قدر ولا قدر، ولا مقدار، أي قيمة. فيكون مثل قول علي رضي الله عنه: قيمة كل امرئ ما يحسن. فإن قال قائل: كان ينبغي على هذا التأويل الثاني أن يقول: ويرون المقدار تلو العلم لأن قيمة الرجل هي التابعة لعلمه. فالجواب أن هذا التأويل يصح على وجهين: أحدهما: أن يزيد مقدار الإنسان