للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحددها الشرع (١) وذلك لأن العقل دل على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يجب تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر، دلالة عامة مطلقة (٢).

"وإذا كان الأمر كذلك فإذا علم الإِنسان بالعقل أن هذا رسول الله - صلي الله عليه وسلم -، وعلم أنه أخبر بشيء ووجد في عقله ما ينازعه في خبره كان عقله يوجب عليه أن يُسلّم موارد النزاع إلى من هو أعلم به منه، وأن لا يُقدّم رأيه على قوله، ويعلم أن عقله قاصر بالنسبة إليه وأنه أعلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته واليوم الآخر منه" (٣).

"ولهذا كان من المعلوم بالاضطرار من دين الإِسلام أنه يجب على الخلق الإِيمان بالرسول إيمانًا مطلقًا جازمًا عامًا: بتصديقه في كل ما أخبر، وطاعته في كل ما أوجب وأمر، وأن كل ما عارض ذلك فهو باطل، وأن من قال يجب تصديق ما أدركته بعقلي ورد ما جاء به الرسول لرأيي وعقلي، وتقديم عقلي على ما أخبر به الرسول مع تصديقي بأن الرسول صادق فيما أخبر به فهو متناقض فاسد العقل ملحد في الشرع" (٤). وهذا المعلوم من الدين بالضرورة هو الحق وليس كما يظن بعض الناس أنه فكر خاص، يقول الإِمام الطحاوي "فمن سأل لِمَ فعل؟ فقد رد حكم الكتاب ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين" (٥) فكيف بمن عارضه بعقله، ويشرح هذا القاضي أبو العز الدمشقي (٦) فيقول "اعلم أن مبنى العبودية والإِيمان بالله وكتبه ورسله على التسليم وعدم الأسئلة عن تفاصيل الحكمة في الأوامر والنواهي والشرائع، ولهذا لم يحك الله سبحانه


(١) وهذا البحث من أوله إلى آخره يحاول إبراز معالم هذه الطريقة والتأكيد عليها من خلال موضوع الكتاب باعتبار أنها هي الطريقة الشرعية التي حافظ عليها السلف الأول في صدر هذه الأمة.
(٢) المصدر السابق ١/ ١٣٨.
(٣) المصدر السابق ١/ ١٤١.
(٤) المصدر السابق ١/ ١٨٩.
(٥) شرح العقيدة الطحاوية ٢٥١ - إلا أن يكون متأولًا فلا بد من إزالة الشبهة ٢٦٨.
(٦) هو القاضي صدر الدين علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي الأذرعي الصالحي الدمشقي فقيه حنفي ولد سنة ٧٣١ وتوفي بدمشق ٧٩٢ - شذرات الذهب ٦/ ٣٢٦.

<<  <   >  >>