للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن أمة نبي صدقت نبيها وآمنت بما جاء به أنها سألته عن تفاصيل الحكمة فيما أمرها به ونهاها عنه، وبلغها عن ربها، ولو فعلت ذلك لما كانت مؤمنة بنبيها، بل انقادت وسلمت وأذعنت وما عرفت من الحكمة عرفته وما خفي عنها لم تتوقف في انقيادها وتسليمها على معرفته، ولا جعلت ذلك من شأنها وكان رسولها أعظم عندها من أن تسأله عن ذلك .. ولهذا كان سلف هذه الأمة التي هي أكمل الأمم عقولاً ومعارف وعلوماً لا تسأل نبيها لم أمر الله بكذا؟ ولم نهى عن كذا؟ ولم قدر كذا؟ ولم فعل كذا؟ لعلمهم أن ذلك مضاد للإِيمان والاستسلام، وأن قدم الإِسلام لا تثبت إلا على درجة التسليم" (١).

وهذا هو الجواب عن شبهة القائلين بالظنية وتضعيف الأدلة النقلية وببعض هذه الوجوه المذكورة تسقط شبهتهم.

وأنبه هنا إلى أمر مهم جداً -يفيدنا في ربط الشبه بعضها بالبعض الآخر ألا وهو تحديد المناط الذي ترتكز عليه تلك الشبه الأنفة الذكر، وهو وإن كان مناطاً فاسداً لمعارضته الدليل الشرعي إلّا أن تحديده يبصرنا بأمور مهمة، ومن خلال النظر في الشبه وجوابها يتبين أن المناط الذي بنيت عليه هو "الاحتمال العقلي" وله صورتان:

الأولى: احتمال المعارضة.

الثانية: احتمال عدم التمكن من نفيها (٢).

وأمام هذين الاحتمالين العقليين الفاسدين تقف الشريعة أي "الأدلة النقلية" لا تجاوز "الظنون" ولا تفيد العلم، حتى يتمكن أهل الأهواء من نفي


(١) شرح العقيدة الطحاوية. هذه نظرة السلف من الصحابة والتابعين لمنزلة العقل البشري وان محله الذى يستحقه أن يكون عابداً لله متبعاً لمنهجه وكل ما ورد من الأحاديث في إخراج العقل عن هذا الحد المحدود له كلها كذب كما قال ابن القيم. وانظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ١/ ١٣ للألباني ط ٤ - المكتب الإِسلامي.
(٢) هناك فارق بسيط بين المعتزلة والأشاعرة حاصله أنها لا تفيد العلم في العقليات فقط عند الأشاعرة.

<<  <   >  >>