للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

احتمال المعارضة وهم كما سبق يزعمون عدم تمكن النفي!! وقد صدق من قال: الكلام أوله سفسطة وآخره زندقة، وقد نقله الغزالي عن الإمامين أحمد وأبي يوسف (١).

والواقع كما شهد به المتكلمون أصدق شاهد عليهم فهم في شك وحيرة واضطراب بخلاف الذين اتبعوا السنة في الاعتقاد والعمل فإنهم يعلمون أن خبرها صادق لا يمكن أن يعارضه دليل عقلي صحيح ولا سمعي صحيح، وليس عند المخالفين إلا أوهام فاسدة تارة يسمونها عقليات وتارة برهانيات وتارة وجدانيات، وذوقيات، ومخاطبات ومكاشفات ومشاهدات وهي عندهم تحقيق وعرفان أو حكمة وحقيقة أو فلسفة ومعارف يقينة ونحو ذلك من الأسماء (٢).

ويقول ابنِ تيمية عن هذا كله -في كتابه الجليل عظيم الفائدة: "فنحن نعلم علماً يقينيًا لا يحتمل النقيض أن تلك جهليات وضلالات وخيالات وشبهات مكذوبات وحجج سوفسطائية وأوهام فاسدة وأن تلك الأسماء ليست مطابقة لمسماها بل هي من جنس تسمية الأوثان آلهة وأربابًا، وتسمية مسيلمة الكذاب وأمثاله أنبياء".

{إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} (٣).

"والمقصود أنه من جوّز أن يكون في علمه بحسه (٤) وعقله (٥) حجج صحيحة تعارض ذلك لم يثق بشيء من علمه ولم يبق له طريق إلى التصديق


(١) انظر الدرء ١/ ١٧٨، ٧/ ١٥٦ - ١٥٧ وانظر ما سبق ص ٧٨ من ذم أهل العلم لهم، وانظر تبيين كذب المفتري ٣٣٣ - ٣٣٤ والإِحياء ١/ ١٦٤.
(٢) ٥/ ٢٥٥.
(٣) سورة النجم: آية ٢٣.
(٤) بحسه كالمشاهدة والمكاشفة.
(٥) وعقله أي باشتراط انتفاء العارض العقلي، أو إثبات العارض.

<<  <   >  >>