للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الآية تقتضي مطلق التخيير ثم رأوا أنه مقيد بالاجتهاد، فالقتل في موضع، والصلب في موضع، والقطع في موضع، والنفي في موضع (١)، وكذلك التخيير في الأسارى من المن والفداء (٢).

وكذلك جاء في الشريعة الأمر بالنكاح وعدوه من السنن، ولكن قسموه إلى الأحكام الخمسة ونظروا في ذلك في حق كل مكلف وإن كان نظرًا نوعيًا فإنه لا يتم إلا بالنظر الشخصي (٣) فالجميع في معنى واحد، والاستدلال على الجميع واحد" (٤) وهكذا الشأن في انتصاب الأفراد في المجتمع الإِسلامي للولايات وجميع الأعمال العامة والخاصة، وهذه الحكمة وهي مراعاة قُدرات المكلفين لا يمكن تحقيقها إلا بتحقق هذا النوع من الاجتهاد، وهو ضروري لتطبيق الأحكام الشرعية في المجتمع الإِسلامي، كما أنه لا يتم بناؤه على الصفة المطلوبة شرعًا إلّا بمراعاة قدرات أفراده.

٣ - ليرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات (٥).


(١) انظر على سبيل المثال: أحكام القرآن ٢/ ٥٩٩: ٦٠٠ لأبي بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي -تحقيق علي محمد البجاري- دار المعرفة - بيروت. والمغني لإبن قدامة القدسي ٩٠/ ١٤٤ - ١٤٥.
(٢) أحكام القرآن لإبن العربي ٤/ ١٧٠١ - ١٧٠٢.
(٣) المغني لإبن قدامة ٧/ ٤ - ٥ فقد قسم النكاح باعتبارات خمسة إلى: واجب ومندوب وحرام ومكروه ومباح. ويضيف الشاطبي في عبارته السابقة أن هذا وإن كان نظرًا نوعيًا فيأخذ كل نوع حكمه إلا أنه لا يتم إلا بالنظر الشخصي فيقال لهذا الشخص أنت تدخل تحت هذا النوع فتأخذ حكمه والآخر أنت تدخل تحت النوع الثاني فتأخذ حكمه وهكذا ولذلك قال: "إن هذا النوع من تحقيق المناط الخاص قد يستبعد الناظر حكمه بادي الرأي حتى يتبين مغزاه. وقد تقدم بيان ذلك وفي الأدلة ما هو كاف للقطع بصحة هذا الاجتهاد، ويعلل الشاطبي تنبيهه عليه على هذا النحو بأن العلماء قلما نبهوا عليه على الخصوص.
(٤) الموافقات ٤/ ٦٥.
(٥) كما في قوله تعالى في سورة المجادلة: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} آية ١١.

<<  <   >  >>