للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن هذا الجهد في التعريف على الحق ونشره والتفقه فيه وتطبيقه على الحوادث إنما يكون من طائفة من المسلمين بذلت نفسها لتعلم العلم وتعليمه، كما قال تعالى:

{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (١).

فهذا النفير والتفقه والنذارة إنّما يصبر عليه طائفة من المسلمين وهؤلاء يبرز منهم أئمة في الدين يهدون به وبه يعدلون، فينشرونه ويعلّمونه للناس ويقيمون به العدل في الأرض ومن العدل استنباط الأحكام لكل حادثة تعن وتطبيقها.

وعند تحقيق ذلك يرفعهم الله درجات، ويجعلهم منار هداية للناس لا تنقطع يتسلمها الناس جيلًا بعد جيل:

{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (٢).

وهذا التفقه والنذارة والهداية وإقامة العدل في الأرض لا يكون إلا بالاجتهاد.

أما الذين آمنوا فهم مكلفون جميعًا بإقامة فروض الكفاية، وذلك بأن يقيموا لكل فرض من فروض الكفاية طائفة منهم ويعينوهم على ذلك (٣)، فإذا سعى المؤمنون في تجهيز طائفة منهم ليتفقهوا في الدين حتى يصلوا إلى درجة الاجتهاد كان ذلك سببًا في رفع منزلتهم عند الله، وعن هذا الطريق تتحقق الهداية وإقامة العدل الرباني في هذه الأرض.


(١) سورة التوبة: آية ١٢٢.
(٢) سورة السجدة: آية ٢٤.
(٣) الموافقات: ١/ ١١٤.

<<  <   >  >>