للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعاني مع مراعاتها للألفاظ بحيث إذا لم يجر المعنى على استقامة لم تستبدل لفظاً بلفظ آخر، فالعبرة عندها بمجموع الأمرين معاً ولا تلتزم أحدهما وتهمل الآخر والعبرة بمراعاتها هذا أو ذاك أو مجموعهما هو جريان المعنى على استقامة.

ولذلك أمثلة كثيرة في كلامها منها:

١ - ما حكاه ابن جني عن عيسى بن عمر وحكاه غيره أيضًا قال: سمعت ذا الرمة ينشد:

وظاهر لها من يابس الشخت واستعن ... عليها الصبا واجعل يديك لها سترا (١)

فقلت: أنشدتني من بائس، فقال: يابس وبائس واحد (٢)، فلم يعبأ بما بينهما من الاختلاف لما جرى معنى البيت على استقامة وكان صواباً على كلا الوجهين.

٢ - وعن أحمد بن يحيى قال أنشدني ابن الأعرابي:

وموضع زير لا أريد مبيته ... كأني به من شدة الرّوع آنس

فقال له شيخ من أصحابه: ليس هكذا أنشدتنا "وموضع ضيق" فقال سبحان الله تصحبنا منذ كذا وكذا ولا تعلم أن الزير والضيق بمعنى واحد؟

٣ - ومن ذلك نزول القرآن على سبعة أحرف، وقد تفاوتت بعض القراءات وقرأ بها القراء - وهم يعتقدون أنهم قارئون للقرآن - وإن بدى بينها أول النظر اختلاف في المعنى - وسبب ذلك أنهم علموا أن الكلام جار على استقامة بحسب المقصود منه ومن أمثلة ذلك:

(أ) {وما يخادعون إلّا أنفسهم}.


(١) البيت في ديوان ذو الرمة غيلان بن عقبة العدوي رقم ١٤٣٠ - شرح أبي نصر الباهلاني تحقيق الدكتور عبد القدوس أبو صالح ١٣٩٣ هـ من مطبوعات مجموعات اللغة العربية بدمشق، والشخت هو ما دق من الحطب، وظاهر لها أي أعنها باليابس منه، ويقصد "النار".
(٢) بائس بمعنى يابس، واليبس والبؤس واحد وانظر القصة في المصدر السابق رقم ١٤٣٠.

<<  <   >  >>