(٢) وأؤكد هنا أهمية العلم بالمقاصد في زيادة الإِيمان وهي من معنى قوله تعالى: {فإذا تليت عليهم آياته زادتهم "إيماناً" وعلى ربهم يتوكلون} الأنفال - ٢، فالفقه بمقاصدها من أسباب زيادة الإِيمان، وأما القول بأن الإعجاز التشريعي - الذي تعتبر المقاصد مادته هو أصل لدعوة الكفار إلى الإِسلام بل هو أنفع من الإعجاز اللفظي والاستناد إلى أن القرآن يصل إلى أسماع أقوام كثيرين لا يقدرون على التعرف على الإِعجاز اللفظي، قول تحمل عليه حسن النية ولا تسعفه الحجة، والذي أريد مناقشته هنا هو كون الإِعجاز التشريعي أصل الدعوة إلى الإِسلام - وأسلم ابتداء بكونه طريقاً معيناً ومقويًا ومفيداً .. أما كونه أصلاً فلا ذلك أن الإعجاز اللفظي له دلالة، والإِعجاز التشريعي له دلالة، ودلالة الأول تجعله أعظم وأنفع .. فإن دلالته تتضمن إثبات توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، وهي أول ما يدعى إليها الكفار، بل هي الطريق المثمر .. وهي دعوة الرسل .. فإن الإنسان لايؤمن بأن الله هو إله لأنه حرم الخمر وهي مضرة، أو حرم الربا لأنه يجعل الأموال دولة بين الأغنياء ولا لأنه حرم كذا وأحل كذا .. فإن هذا لا ينفع الفطرة التي اجتالتها الشياطين، والفرض أن الفطرة التي نريد أن ندعوها للإيمان بالإسلام، في حاجة -لكي تؤمن بألله سبحانه- أن تدرك حقاً توحيد الربوبية وهي أن الله هو الخالق والرازق والمدبر والمتصرف والمهيمن وهو الذي بيده مقاليد السموات والأرض ودليل ذلك هو هذا الكون المخلوق والإنسان المخلوق .. وهذه هي طريقة القرآن، وهي طريقة ثابتة لأنها مبنية على اعتبار أن فطرة الإنسان إذا أوقظت تبين لها على وجه اليقين أن الخلق له دلالة حسية وهي أن من يُخْلَقْ لا يمكن أَنْ يَخْلُقْ .. وأنه لا بد له من خالق تظهر صفاته في هذا الكون فهذا الخلق يحتاج إلى قدرة .. فخالقه إله =