للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قادر .. ويحتاج إلى علم فخالقه إله عليم .. ويحتاج إلى إبداع وحكمة فخالقه مبدع حكيم .. ويحتاج إلى تدبير وتصريف وهيمنة فخالقه إله مدبر متصرف مهيمن ... ولا يمكن أن يقوم هذا الكون إلّا بإله واحد لا شريك له: {لو كان فيهما آلهة إلّا الله لفسدتا} الأنبياء - ٢٢ .. وهكذا على طريقة القرآن في الدعوة إلى الإِيمان .. هذا هو الأصل وهذه هي دلالة الإِعجاز اللفظي .. فهي إذا أشمل وأعمق من دلالة الإِعجاز التشريعي .. وطبيعة الدعوة في القرآن قائمة على هذا الاعتبار .. وثمرتها أن الإِسلام عقيدة وشريعة يفهمه السامع من أول الأمر ويدركه بلا لبس ولا غموض .. ونذكر بعض الأسباب الذي تؤكد هذا الذي نقوله:
١ - إن الإقناع بمجرد الحكم -وهو الإِعجاز التشريعي- لا يقطع المحاجة والخصومة ولا يقطع النزاع، لأن المصلحة المرجوة جلبها من الحكم أو المفسدة المدفوعة في الغالب لا تكون خالصة كما قرره الشاطبي في الموافقات ٢/ ١٦ - ١٧ - ١٨. فإذا أراد الخصم أن يتعرض للحكمة بالتشويش أمكنه ذلك. أما اذا اعتمدنا طريقة القرآن التي أشرنا اليها آنفاً لم يمكنه ذلك لأن المطلوب منه الإِيمان، أدرك الحكمة أم لم يدركها.
٢ - إنّ هذا الطريق التي ترجى منفعته قد أدى خلاف ما ينتظر منه أصحابه فهل ضل كثير من المسلمين الا بتشويش الكفار عليهم من مستشرقين وغيرهم بحيث اعترضوا على كثير من الأحكام واتخذوها ذريعة لتشكيك المسلمين في دينهم.
٣ - ثم إذا سلمنا بأنه طريق عظيم من طرق الدعوة .. فماذا نصنع بالأحكام التي لم تُعرف حكمتها، كيف نقنع بها ما لم نحدثه عن دلالة الإِعجاز اللفظي.
٤ - ما يلزم على هذا الطريق من الحرج على الداعية والمدعو، أما الداعية فأنى له بالعلم بعلل الأحكام وحسن عرضها وقوة الدفاع عنها، ثم إذا أمكنه في كثير منها ثم طلب منه المدعو أن يبين سائرها فماذا يصنع، ثم إذا بين معظمها ثم كفر المدعو ولو بحكم واحد ولم تُبين له حكمته فأين يذهب جهد الداعي ... ؟
أما المدعو فالحرج يلزمه من أن هذا خلاف فطرته لأن القرآن يخاطب الفطرة من طريقين طريق الوجدان وما استقر فيه من الإقرار بأن الله هو الرب المعبود ... وطريق العقل على هذا الكون المفتوح .. وإذا أردنا منه أن يؤمن بالإسلام من خلال مخاطبته عن الإِعجاز التشريعي فإننا نقصره على منفذ واحد لفطرته وهو العقل .. ويا ليته على الكون المفتوح ولكنه على أحكام تظهر العلل والمقاصد في بعضها وتغيب في البعض الآخر ..
٥ - ثم إن تعليل الأحكام بالمصالح والمنافع والخير الدنيوي والتركيز على هذا الجانب معارض -عند المدعو- بواقع التطبيق المشوه للإِسلام، ومن هنا يَسهُل عليه رد هذا الأمر بل لا يحتاج إلى كثير عناء، وأما طريق القرآن الذي أشرنا اليه آنفاً فهو لا يحتاج إلى =

<<  <   >  >>