للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: مناقشة القول بأن الشريعة والفقه بينهما العموم والخصوص من وجه:

فقد ذهب بعض الباحثين إلى أن "النسبة بين الفقه والتشريع العموم والخصوص من وجه، فيجتمع الفقه والتشريع في الأحكام التي أصاب المجتهد فيها حكم الله ويفترق الفقه عن التشريع في الأحكام التي أخطأ فيها المجتهد، وتفترق الشريعة عن الفقه في الأحكام التي تتعلق بالناحية الاعتقادية والأخلاقية وبقصص الأمم الماضية" (١).

ويُناقش هذا الكلام حسب ما قررته سابقاً، وحاصله أن الشريعة هي نصوص الكتاب والسنة. وإصابة المجتهد للحكم لا تجعله من نصوص الكتاب والسنة بل إن ما أصاب فيه المجتهدون وما أخطأوا إنما هو الفقه، والمؤلف صرح بذلك حيث قال بعد هذا الذي قرره: "أما الفقه فهو آراء المجتهدين من علماء الأمة" (٢).

وهناك من الباحثين من ذهب إلى خلاف الرأي السابق وذكر أن في التسوية بين الفقه والشريعة في إطلاق لفظ أحدهما على الآخر، أو أن يكون بينهما العموم والخصوص من وجه تساهل: ثم قال: "ومرد ذلك هو أن المجتهدين لا يقصدون التشريع باجتهاداتهم وإنما يستهدفون الوصول إلى وجه الصواب في احكام المسائل التي تُعرض عليهم ويرومون محاولة الوقوف على مراد الشارع في كل مسألة اجتهادية لأنهم يؤسسون اجتهادهم على مبادئ الشريعة العامة (٣) وقواعدها الأصولية" (٤).


(١) تاريخ الفقه الإِسلامي - د. عمر سليمان الأشقر ١٩، مع أنه أشار إلى أن معنى "التشريع" الابتداء في الشيء، ونقله عن ابن كثير وهذه الإشارة لم أجدها -حسب علمي- في أكثر كتب تاريخ الفقه والشريعة والمداخل لدراسة الشريعة، ولكنه لم يؤسس عليها شيئاً في هذا الموضع، انظر كتابه خصائص الشريعة الإِسلامية.
(٢) تاريخ الفقه الإِسلامي ١٩.
(٣) ويؤسسونها على الأدلة الجزئية كذلك.
(٤) مفهوم الفقه الإِسلامي وتطوره وأصالته ١٨ - ١٩.

<<  <   >  >>