للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في محبة العُشَّاق الذين يُعَانُون من عشقِهم، ومحبتُهم تلك هي -في الحقيقة- عذابٌ لهم يعذبون بها ﴿فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [التوبة: ٥٥].

فالمفْتُونُ بأمرٍ من المحبوبات حين لا يناله يبقى معذَّباً به بسبب تَوَقَانِه وتَعَلُّقِ قلبِه به، أما محبَّة اللَّه فحاشا وكَلَّا أن تكون ناراً أو عَذَاباً؛ فأنبياء اللَّه ورُسُلِه وأتباعهم من المؤمنين في قلوبهم من محبة اللَّه ما ليس في قلوب هؤلاء الصوفية، وهذه المحبة هي حلاوةٌ يجدونها في قلوبهم، فليست ناراً أو عذاباً، «ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الإيمان: أن يكون اللَّه ورسولُه أَحَبَّ إليه مما سِوَاهُمَا … » الحديث (١).

فمحبةُ اللَّه ليست ناراً، بل هي حلاوةٌ ونعيمٌ لقلوب المؤمنين، فالمؤمنون يُحبُّون ربهم ويخافونه ويرجونه، فهم يَنعَمُون بمحبَّته، ويَنعَمون بخوفِه ورجائِه؛ لأنهم يخافون منه ويَفِرُّون إليه، وفي الحديث: «لا مَلجَأ ولا مَنجَى منك إلا إليك» (٢).

ثم ذكر المؤلِّف أنَّ محبة اللَّه نارٌ تخافها نار جهنم، ثم أردف هذا القول المنْكَر بهذا الحوار المفتَرَى، وهو أنَّ نارَ جهنَّم تقول لربها ﷿: لو لم أُطِعكَ فبِأيِّ شيءٍ تعذِّبُني؟ قال: أُعَذِّبُكِ بنارِي الكُبرَى؛ نارِ مَحَبَّتِي.


(١) متفقٌ عليه من حديث أنسِ بنِ مالكٍ ، أخرجه البخاري رقم (١٦)، ومسلم رقم (١٧٤).
(٢) جزءٌ من حديث البراء بن عازب المتفق عليه في ما يقال عند النوم وأَخْذِ المضجع، أخرجه البخاري رقم (٢٤٧)، ومسلم رقم (٧٠٥٧).

<<  <   >  >>