للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا كلامٌ منكرٌ، لا أظنُّه يَصِحُّ عن الجُنَيدِ ، فالجنيد قد أثنى عليه شيخ الإسلام ابن تيمية (١)، وابن القيم (٢)؛ فمستبعدٌ أن يَثْبُتَ عنه ذلك.

فنار اللَّه الكبرى هي التي يعذِّب بها الكفار، كما قال تعالى: ﴿سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (١٢) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (١٣)[الأعلى].

فهذه الألفاظ إنما يطلقها العُشَّاق، فإنَّ الواحد منهم يتكلَّم فيقول: في قلبي نارٌ من حُبِّ فلانٍ أو فلانةٍ، نعم يجدون ناراً ويجدون أَلَماً ويتعذَّبُون ويشقون شقاءً، أما أهل الإيمان وأهل العلم باللَّه والحب للَّه فليسوا كذلك، بل هم في نعيمٍ من تلكم المحبة كما دلت عليها النصوص.

* * *


(١) قال في كتابه «الاستغاثة» (ص ٦٥٢): «وكان الجنيدُ أفقهَ القومِ -يعني: المتَصوِّفَة الأُلَى- وأعلمَهم بالدِّين»، وقال في «مجموع الفتاوى» (١١/ ٣٩٣): « .... بخلافِ الجُنيد فإنَّ الاستقامةَ والمتابعةَ غالبةٌ عليهِ»، وذكره في (٢/ ٤٧٤) من جملة «مشايخِ الإسلامِ وأئمَّةِ الهُدى الَّذين جعل اللَّه تعالى لهم لسانَ صِدقٍ في الأُمَّةِ»، ووَصَفَه في (٥/ ١٢٦) بأنَّه «من شيوخِ أهلِ المعرِفَةِ المتَّبعينَ للكتَابِ والسُّنَّةِ».
(٢) قال في كتابه «مدارج السالكين» (٣/ ١٢٢): «رحمة اللَّه على أبي القاسم الجنيد ما أتبعه لسُنَّة الرسول وما أقفاه لطريقة أصحابه».

<<  <   >  >>