هذه لها حال أخرى ولها ثقل يختلف عن حال الآخرين، فلا بد من ملاحظة هذا المعنى.
وهذا المعنى يستفاد من النظر إلى مجموع النصوص، فلا يقف المرء عند دليلٍ واحدٍ وينسى باقي النصوص والأدلة، فإنه حتماً سيكون فهمه لها فهماً قاصراً، بل الواجب النظر في جميع الأدلة مضموماً بعضها إلى بعض حتى يخرج بالنتيجة الصحيحة حينئذٍ.
وقوله: (وَهِيَ الَّتِي تَخرِقُ الحُجُبَ كُلَّهَا حَتَّى تَصِلَ إِلَى اللَّهِ ﷿ وذلك أنَّ كلمة التوحيد هي من جملة الكَلِم الطيِّب، بل هي من أطيب الطَّيِّب، لكن يختلف أيضاً حكمها بحسب قائلها، وما صدرت عنه من أحوال القلوب، ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: ١٠].
إذاً، هذه الكلمة العظيمة تصعد إلى اللَّه ﷿، وهل صعودها خاصٌّ بها؟ لا، بل كُلُّ الكَلِم الطيب يصعد إلى اللَّه ﷿، من التسبيح والتهليل والتكبير وتلاوة القرآن وغير ذلك، فكلُّ كلامٍ يقولُه الإنسانُ مما يُحِبُّه اللَّه ويَأمُرُ به، فإنَّه داخلٌ في عموم قوله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾، ومتى صعد إليه فإنه لا يُحجَب، بل يقبله اللَّه سبحانه من عبده المؤمن المخلص الذي ذكر اللَّه صادقاً من قلبه معظِّماً لربه مُثْنِياً عليه.