لا يستحق العبادة سواه، وأنه سبحانه ربُّ كلِّ شيءٍ ومليكُه، فهو العظيمُ الذي لا أعظمَ منه، وهو الكبيرُ المتَعَالِ، وهو الموصوفُ بكلِّ كمالٍ، فبهذا الاعتبار وهذا المعنى ترجُح هذه الكلمة العظيمة «لا إله إلا اللَّه» بكلِّ شيءٍ، فهذا المعنى العظيم الذي تدل عليه هذه الكلمة يرجُح بالسموات والأرض، فإنَّ السموات والأرض ومَن فيهِنَّ ليست بشيءٍ في جنبِ هذا المعنى العظيم الذي تدل عليه هذه الكلمة.
والثانية: من حيث إنها عملٌ وقولٌ يقولُه العباد، فإنَّ وَزْنَهَا بهذا الاعتبار يَختَلِف، فيقولُها المنافقُ ولا يكون لها وزنٌ، ويقولها سائرُ الموحِّدين الصادقين فيكون لها وزنٌ، لكن مع التفاوت العظيم في ذلك؛ فهي من الأنبياء والمرسلين والكُمَّل من المؤمنين غير وزنها وثِقَلِها ممن دونهم.
وبالجملة؛ فإن هذه الكلمة العظيمة -كلمة التوحيد- من حيث إنها عملٌ من أعمال العباد وأقوالهم تتفاوت تفاوتاً عظيماً في الثقل والوزن، فالذين يدخلون النار ممن يقولها لا ريب أن وزنها لم يرجح بسيئاتهم، ولو كان وزنها رجح بسيئاتهم ما دخلوها، لكن صاحب البطاقة له حالٌ آخر، فصاحب البطاقة الذي يُنشَرُ له تسعةٌ وتسعون سجلاً من السيئات، فيقال له: ألك عذرٌ أو حسنة؟ فيُبْهَتُ، فيقول: لا يا رب، فيقال: بلى إن لك عندنا حسنةٌ واحدةٌ؛ فإنك لا تظلم، فتُخرَج له بطاقة فيها «لا إله إلا اللَّه»، فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات، فتوضع البطاقة في كِفَّة، والسجلات في كِفَّة، قال: فطاشت السجلات وثقلت البطاقة،