للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا حقٌّ؛ فإنَّ التوحيد هو سبب الأمن والهدى، ومن ثبت له أصل التوحيد فإنه يأمن من الخلود في النار، ولا بد له من دخول الجنة، فمن حقَّقَ التوحيدَ وقال هذه الكلمة العظيمة: «لا إله إلا اللَّه» محقِّقاً لمعناها، عاملاً بمقتضاها = فاز بالأمن التام والهدى التام.

فجزاء اللَّه للعباد قائمٌ على العدل، فلا يُسوِّي بين المشركين وبين الموحِّدين، ولا بين العصاة المسرفين على أنفسهم وبين المتقين، تعالى اللَّه عن ذلك، قال تعالى: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّار (٢٨)[ص]، ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِين (٣٥)[القلم]، ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُون (٢١)[الجاثية].

فاللَّه ﷿ يَتَعَالى ويتقدَّس أن يُسوِّي بين أوليائه وأعدائه، أو بين القائمين بحقه والمفرِّطين فيه، ولهذا بحكمته وعدله سبحانه جعل الجنة درجات، حتى إن من أهل الجنة من يَتَرَاءَون الغُرَف كما يَتَرَاءَى الناسُ الكوكَبَ الغَارِبَ في الأُفُق (١) -يعني: في علوٍّ بعيدٍ-، فالجنة منازلُ ودرجاتٌ متفاضلةٌ، و «الوسيلةُ» هي أعلى درجةٍ في الجنَّة، وهي لنبينا (٢).

فدرجات أهل الجنة ونعيمهم يتفاضل، كما في حديث عبادة : «أدخله اللَّه الجنة على ما كان من العمل» (٣)، قد قيل في معناه: يعني من حيث الدرجات، فيُسكِنُه اللَّه الدَّرجةَ التي يستحِقُّها بعمَلِه.


(١) متفقٌ عليه من حديث أبي سعيد الخدري ، البخاري رقم (٦١٨٨)، ومسلم رقم (٢٨٣٠).
(٢) أخرجه مسلم رقم (٣٨٤)، والترمذي رقم (٣٦١٢).
(٣) تقدم تخريجه ص ٣٩.

<<  <   >  >>