كانوا يُطلِقُون «النَّسْخَ» على مثلِ ذَلِكَ كَثِيراً (١)، ويكون مَقُصُودُهم أنَّ آياتِ الفَرَائضِ والحدودِ تَبَيَّنَ بها تَوقُّفُ دخول الجنَّةِ والنَّجَاةِ من النَّار على فعلِ الفرائض، واجتناب المحارم، فصارت تلك النصوصُ منسوخةً؛ أي: مبَيَّنَةً مفَسَّرَةً، ونصوصُ الفرائضِ والحدودِ ناسخةً؛ أي: مفَسِّرَةٌ لمعنى تلك، مُوضِّحَة لها.
ذكر المؤلِّف -فيما سبق- جوابين لبعض علماء أهل السُّنَّة في هذه النصوص الدالة على أن التوحيد موجب لدخول الجنة، وأن من شهد شهادة التوحيد ومات عليها دخل الجنة، أو أنه لا يعذب، أو أنه محرَّم على النار، أو أن النار محرَّمة عليه.
وتقدَّم أيضاً قول المؤلِّف ﵀ بأن الأحاديث التي فيها الوعد بدخول الجنة محتَمِلَة أن يكون هذا الدخول في أول الأمر ابتداءً، أو يكون بعد التطهير، وهذا النوع من الأحاديث لا إشكال فيه، ولكن الذي فيه الإشكال، هي الأحاديث التي فيها نفي العذاب؛ أو فيها ذكر التحريم على النار.
والمؤلِّف ﵀ ذكر الجواب الأول وهو: قول من يتأوَّل هذا النفي على نفي الخلود في النار، لا نفي العذاب والدخول، وعلى هذا التأويل
(١) ينظر: «مجموع فتاوى ابن تيمية» (١٣/ ٢٩)، و «الموافقات» للشاطبي (٣/ ٣٤٤ وما بعدها)، و «إعلام الموقعين» (١/ ٣٥).