يكون المراد بهذه الأحاديث هو تحريم الخلود في النار، أو أنَّ النَّارَ المحرَّم دخولُها في هذه الأحاديث هي النار التي يُخَلَّد فيها من دَخَلَها، وهي نار الكافرين لا نار العصاة من الموحِّدين.
ثم ذكر الجواب الثاني -وهو أحكم وأرجح- وهو: أن المراد من هذه الأحاديث هو أن التوحيد سببٌ مقتضٍ لدخول الجنة والنجاة من النار، بل هو السبب الأعظم، ولكنَّ أيّ سببٍ يتوقف حصول مُسَبَّبِه على وجود الشروط وانتفاء الموانع.
وعلى هذا فالتوحيد لا يتحقق مقتضاه بالنجاة من النار مطلقاً ودخول الجنة من أوَّل وَهْلَة إلا بوجود شروط وانتفاء موانع.
وذلك أن هذا مشروط بفعل الفرائض واجتناب المعاصي، جمعاً بين الأدلة؛ لأنَّ نصوص الوعيد مستفيضة في الكتاب والسُّنَّة؛ فقد ورد في القرآن الوعيد على كثير من الذنوب؛ كالربا، وقتل المؤمن، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، والسحر، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، فكل هذه الذنوب قد ورد الوعيد عليها في القرآن، فلا يجوز إهدار هذه النصوص وإبطال دلالتها تَمَسُّكاً بهذه الأحاديث المحتَملة المطلقة، فلا بد إذاً من رد النصوص بعضها إلى بعض والجمع بينها، إما بحمل المطلق على المقيَّد، أو العامِّ على الخاصِّ، كما هو معروفٌ ومقرَّرٌ في علم الأصول.
ثم ذكر المؤلِّف ﵀ -في هذا المقطع- جواباً ثالثاً عن هذه الأحاديث، وهو: قول طائفة من العلماء، وهو أن هذه الأحاديث إنما