للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمضي فيه أحكامه، ولم يوضع إلا للعدل من الناس، فإذا ظهر تزويره لحاكم فينبغي أن يجلد ظهره ويحمم وجهه، ويأمر أن يطاف به في الناس، وينادى عليه: هذا شاهد زور فاعرفوه, وإذا صار إلى الآخرة فله من العذاب الأليم ما يستحقه إلا أن يعفو الله عنه.

وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من عدلت شهادة زورا، بالإشراك بالله ثم بلا فاجتنبوا الرجس من الأوثان، واجتنبوا قول الزور) وقال: (من شهد شهادة استباح بها مال مسلم، وسفك دمه، فقد أوجب النار).

وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: من تكلم في خصومه بما لا علم له فهو في سخط الله حتى يفزع.

وأما الملق فهو مذموم إلا في طلب العلم، لأنه جاء أنه لا حسد ولا ملق إلا في العلم، وقد تقدمت رواية بهذا الحديث، وهو من أفعال أهل الضعة والذلة، ومما يروي بفاعله ويدل على سقاطته وقلة مقدار نفسه عنده، وليس لأحد أن يهين نفسه، كما ليس لغيره أن يهينه. ألا ترى أنه ليس لأحد أن يعير نفسه وبسببها لا صادقا ولا كاذبا، كما ليس لغيره أن يسبه ويعيره ويشتمه وتناول عرضه كذلك، هذا مما يشبهه. وجاء إذا رأيتم المداحين فاحشوا في وجوههم التراب، وذلك لأن الأغلب أنهم يكذبون فيعزرون اللمدوح فإذا حثا التراب في وجهه- وجه المادح- فقد أمن أن يغبره، أنس المادح من أن يعبره.

وأما الخفض فيما لا يعني، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. وقد يجمع القول والفعل ومنه ما يدخل في قوله عز وجل} وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه {. وقوله عز وجل} وإذا مروا باللغو مروا كراما {، وقد ذكر في بابه.

وأما كثرة الكلام وإطالته، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أبغكم إلى الثرثارون

<<  <  ج: ص:  >  >>