نقول- وبالله التوفيق- أن ما ولد أبوين مسلمين فهو في عامة الأحكام مسلم. وإن كان أبواه كافرين فهو في عامة الأحكام كافرا مثلهما. فإن أسلما أو أسلم أحدهما وهو صغير، صار مسلما. وإن أسلم الجد فقد قبل. وإن أسلم قبل إسلامه كإسلام الأب- وقيل: يفارقه. فإذا سبي الصغير من دار الحرب مع أبويه فدينه دينهما، وكذلك أن سبي ومعه أحدهما فدينه دينه، وإن لم يكن معه واحد من أبويه، فدينه دين سابيه.
وما يقال من هذا في الصغير، والقول في الكبير المعتوه مثله، ثم نذكر وجوه هذه الفصول بإذن الله وتوفيقه فنقول: أما إتباع ولد المسلمين أباهما فلأن الأمل في طلب النسل أنه طريق إلى استبقاء الجنس، والغرض من استبقاء الجنس إكبار المؤمنين بالله، والعابدين له، إذ كان الله عز وجل إنما خلق الجن والإنس ليعبدوه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"تناكحوا تكثروا، فأني أباهي بكم الأمم". وإذا كان هذا هكذا، صح وقوع الإذن من الله عز وجل في طلب النسل، فحكم الولد بحكمها في الدين أيضا، لأنهما إلى غرضهما من الزيادة في عدد المؤمنين به، ولم يتأخر ذلك إلى أن يبلغ المولود فتوجد حقيقة الإيمان والعبادة منه إذا كان يمكن أن يحترم قبل البلوغ، ويمكن أن يلغ أن يخالف الأبوين، فحكم له بحكمها عادلا لما ذكرت والله أعلم.
وإنما ولد الكافر فإنما اتبعهما لان غرضهما أيضا من طلب النصل إكبار أهل الدين، إلا أن الدين عندهما فإنهما عليه فألحق بهما، كما يقر أهل الكتاب على ما هم عليه بالجزية، لأن عندهم: إن ما هم عليه هو الحق وإن كان الأمر بخلافه والله أعلم.
وأيضا فإن الأبوين المسلمين إذا اكتسبا الإيمان وفشا، فأدامه الله تعالى لهما بعد في سائر الأوقات وإن كان الإيمان لا يخطر بقلوبهما ما لم يحدثا بالكفر كذلك عداه عنهما إلى