قال النبي صلى الله عليه وسلم:(صلوا على من قال: لا إله إلا الله) وكان يصلي على من مات من أصحابه، ومن لم يعلم به حتى قبر، صلى على قبره. قوال:(إن هذه القبور مملوءة ظلمًا حتى أصلي عليها). وقال:(حق المسلم على المسلم خمس فذكر منها، أن يشيع جنازته إذا مات). وليس في التشييع غرض إلا الصلاة. ومعناها التوجع لفراق الميت وإظهار الشح به، والتصور بصورة من كان لا يخليه بل يرده وجعه لو كان له إلى ذلك سبيلًا، ثم الفرع إلى الدعاء له عند وقوع التسليم الذي لابد منه. وتأييد ذلك الدعاء بتقديم القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبله، رجاء أن ذلك إذا تقبل لم يجز الدعاء له عنه بل يجاب. وهذا نهاية الشفقة والرأفة والغاية، وهو الأمر الذي لا يمكن في تلك الحال غيره. وكل ذلك مما يقتضيه التشارك في الدين، والاجتماع في حال الحياة، على التناصر والتظاهر فيه، وبالله التوفيق.
وينبغي لمن ولي أمر المسلمين في بلد، أن لا يتخلف عن جنازتهم ولا عن عيادة مرضاهم، إلا أنه إذا حضر كان ولي الميت من طريق النسب أولى بالصلاة عليه منه. فلا يتقدم إلا أن يقدمه الولي، لأن الصلاة على الميت من حقوقه الخاصة فهو كفيله، وتكفينه وإدخاله القبر ولا مدخل للولاة في ذلك، فكذلك الإمامة في الصلاة عليه.
فإن قيل: وأي حق للميت في إمامة من فضل عليه قيل: حقه في ذلك أن الإمام كلما كان أحنى عليه وأشد تحرقًا وتائبًا، وما نزل به، كان دعاؤه له أخلص وأجمع. فيسري ذلك الكمال من صلاته إلى صلاة من خلفه لينبئهم الاقتداء به والله أعلم.