والصلاة على الميت أربع تكبيرات، أولها تكبيرة تتلوها قراءة الفاتحة، ثم تكبيرة تتلوها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تكبيرة يتلوها الدعاء للميت، ثم تكبيرة التسليم. وكل شيء من ذلك يتفرع وكتابة في حكم الأحكام. وقد قيل: إن آدم صلوات الله عليه لما حضرته الوفاة أمر جبريل نبينا عليهما السلام أن يتقدم فيصلي عليه، وإنه كبر عليه ثلاثين تكبيرة، وقيل كبر عليه ألفًا، ومن الناس من ذهب إلى أن التكبيرات خمس، فاعتد بأن هذه التكبيرات كلها أركان، فهي في تقدير فواتح الصلاة، والصلوات المكتوبات كلها خمس. فوجب أن تكون التكبيرات خمس ليكون تقديرها أن الميت لما عجز عن الصلاة بنفسه أقيمت عليه الصلاة يوم وليلة، إذ كانت هذه المدة تستفرغ الصلوات كلها. ولم يكن إلى مجاوزتها سبيل.
وقد يجاب عن هذا، أن هذا المعنى يحصل، وإن كانت التكبيرات أربعًا، ويكون ذلك أولى، لأن أربع تكبيرات تكون في تقدير أربع صلوات، والتسليم الذي هو ركن الخاتمة مكان الصلاة الخامسة، فتصير الصلوات الخمس مستوفاة من هذا الوجه.
وسنة من شهد الجنازة أن يتقدمها، وهي المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، وهو الأشبه بحال الشفعاء وعادتهم بأنهم أبدًا يتقدمون من يشفعون له، ولا يتأخرون عنه، ولأنهم إذا تقدموا ثم حمل، عجلوا الصلاة عليه ودفنوه. وقد جاء في الحديث من كرامة الميت تعجيل دفنه. فكان ذلك أولى من أن يتأخروا عنه، فيحتاج في الصلاة عليه إلى انتظاره، والله أعلم. وأما ما عدا هذا من صفة الصلاة عليه وما يتعلق بها من المسائل موضعها كتب الأحكام، وهي مبينة فيها، فمن أراد الوقوف عليها فليرجع إليها. وحسن إذا صلى عليه وانصرف منه، أن لا ينس، ويزار قبره أحيانًا، ويذكر بالدعاء الصالح، فإن النهي عن زيارة القبور منسوخ، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(كنت نهيت عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجدًا). وقال:(زوروا إخوانكم وسلموا عليهم وصلوا فإن لكم فيهم عبرة).