فمنها علم الأصل. وهو معرفة الباري جل ثناؤه، وقد تقدم القول عن كثير من فصولها. ومنها معرفة ما جاء من عند الله تعالى. ودخل في هذا علم النبوة، ومما تميز به الشيء من الشيء. وعلم أحكام الله تعالى وأقضيته. ومنها معرفة بطلب علم الأحكام فيه وهو الكتاب والسنة. نصوصها ومعانيها، وتمييز وجوه القياس وشروطه ومعرفة أقاويل السلف من الصحابة والتابعين ومن دونهم، وتمييز الاجتماع والاختلاف.
ومنها معرفة ما به يمكن طلب الأحكام في الكتاب والسنة، وهو العلم بلسان العرب وعاداتها، وفي مخاطباتها وتمييز مراتب الأخبار لينزل كل جزء منزلته، ويوفي بحسنها حقه، ثم أن طلب العلم من فروض الدين، إلا أنه من فروض الكفاية دون الأعيان والمقدار الذي يجب طلبه وتحصيله منه ما يقع به الكفاية للعمل.
وأفتى من لا علم له عنده ممن ينزل به ونبوته، فإن فرض أولئك مسألة العلماء وتقليدهم وذلك أن يعمل أن الدلائل الدالة على الباري جل جلاله، وقدمه ووحدانيته وقدرته، ما يخرج به من معرفة الله من حدود المقلدين، ويتسع به للدعاء إلى سبيله والنصح بالحجة عن دينه، ويعلم من دلائل النبوة ما يخص منها نبينا صلى الله عليه وسلم ما يستيقن بنبوته وصدقه ويكمل به للنصح بالحجة عنه، ويعلم من علم الكتاب ما يميز به الحكم من المتشابه، والخاص من العام، والمحمل من المفسد، والمطلق من المفيد، والظاهر من المحتمل، والناسخ من المنسوخ، والمجازي من الحقيقة، والأمر من الندب، والإباحة والنهي عن