للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادس الأربعون من شعب الإيمان

وهو باب في السرور بالحسنة والاغتمام بالسيئة

وهو ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من سرته حسنة وساءته سيئة فهو مؤمن). وعنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: (اللهم اجعلني من الذين إذا أحسنوا استبشروا وإذا أساءوا استغفروا) ومعنى هذا- والله أعلم- إن من عمل حسنة فسر أن وفقه الله تعالى لها ويسرها له حتى حصلت في ميزانه، فجلس كما يجلس الهناء فرحًا مسرورًا بما يرجوه من رحمة الله وفضله. أو عمل سيئة فساءه أن خلاه الله تعالى ونفسه حتى عمل بما سوأه له الشيطان، وجلس كما يجلس المصاب مهمومًا كئيبًا حياء من الله تعالى وخوفًا من مؤاخذته، فذاك دليل على صدق إيمانه وخلوص اعتقاده، فإن الثقة بالوعد والوعيد لا تكون إلا من قوة التصديق بالله ورسوله. وقد جاء هذا التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ موجز (إن المؤمن إذا عمل حسنة رجا ثوابها، وإذا عمل سيئة خاف عقابها). فأما من سرته حسنة من حيث يثني عليه وتذكر عنه، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلًا قال له: يا رسول الله، إني أعمل العمل أسر به فإذا اطلعت عليه سرني، فقال: (لك أجران. أجر السر وأجر العلانية).

وجاء في حديث آخر أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أحدنا يعمل العمل، فإذا اطلع عليه سره. فقال: (ذلك عاجل بشرى المؤمن). وروى عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: معناه. فإذا اطلع عليه سرني ليقتدي بي ويعمل مثل عملي. ليس أنه سره أن يذكره ويثني عليه، وإنما هو كقوله صلى الله عليه وسلم: (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل

<<  <  ج: ص:  >  >>