والحسد الاغتمام بالنعمة يراها لأخيه المسلم والتمني بزوالها عنه، وقد يكون ذلك لا عن سبب كان من المحسود بمكان للحاسد فحمله على إساءة الرأي فيه.
والغل إضمار السوء وإرادة الشر لمن كان بينه وبين المريد سبب يوقع مثله العداوة والبغضاء. لأن المراد به الشر إذا لم يكن بما يعدم طالعًا للمريد، كان ما يضمنه المريد له من الشر غلًا مذمومًا، فيقرن ذلك بالحسد، أو يزيد عليه. وقد أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعوذ به من شر الحاسد إذا حسد. وذم اليهود على حسدهم المسلمين، فقال:{ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارًا حسدًا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق}. وقال:{أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله}.
فالحسد مذموم، والحاسد غير الغائظ، لأن الحاسد من لا يحب الخير لغيره، ويتمنى زواله عنه. والغائظ من يتمنى أن يكون له من الخير مثل ما لغيره. ولهذا جاز أن يقال في الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم:(اللهم ابعثه مقامًا محمودًا يغبطه به الأولون والآخرون). فإن المعنى: ابعثه مقامًا يتمنى كل واحد من الأولين والآخرين إن كان له مثله. ولو كان ذلك كالحسد ما جاز بهذا القول ولا حسن، وإنما كان الحسد مذمومًا، لأن الحسد يعد إحسان الله تعالى إلى أخيه المسلم إساءة إليه، وهذا جهل منه. لأن الإحسان الواقع