لمكان أخيه لا يضره شيئًا. فإنما عند الله تعالى ليس بنقص من ذلك فيخشى أن لا يناله منه بعد ما نال غيره نصيب، لكن ما عند الله واسع. وذا كان ذلك كذلك، فالأولى به أن يفرح بما يراه من آثار نعمة الله عند أخيه المسلم، ويشكره ويحمد عليه ويسأله أن يؤتيه مثله. فأما الاعتماد بما أكرم أخاه فليس له في المعتقد وجه. وأيضًا فإن إحسان الله تعالى إلى أحد الرجلين خير للآخر من أن يجمعهما جميعًا، لأن المحسن إليه منهما قد يشرك المحروم فيما عنده ولو اشتركا في الحرمان لزمهما الضرر والبؤس. فالحاسد إذا تمنى البؤس ونعيم بالنعمة وهذا جهل وسوء تمييز. وأيضًا فإن الحاسد لا يتضرر بالنعمة التي عند المحسود، فليس إلا متسخط لقضاء الله تعالى، وذلك يدنيه من الكفر، ولولا تأويله لرفع فيه، فإنه عند نفسه يكره الغم الذي له فيما أتاه الله، وليس يكره القضاء نفسه.
ويصدق هذا ما جاء في الحديث أن إحدى الكلمات العشر التي كانت في ألواح موسى عليه السلام ولا يحسد الناس على ما أتاهم، فإن الحاسد عدو لنعمتي متسخط لقضاء الله.
وقال صلى الله عليه وسلم حين سئل: أي الناس أفضل؟ (الصادق اللسان المخموم القلب. قالوا: هذا الصادق قد عرفناه، فما المخموم القلب؟ قال: هو التقي الذي لا غل فيه ولا حسد). وفي بخاسة الغل، قال عبد الله بن عمر: كنت جالسًا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:(يدخل من هذا الباب رجل من أهل الجنة).
فدخل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه). فأتيت منزله فبت عنده لأرى عمله. فلم أره يصلي من الليل شيئًا، ولكنه كلما أتيته ذكر الله تعالى جده. فلما كانت الليلة الثانية بت عنده، فصنع كذلك. ثم الثالثة كذلك. فذكرت له الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم وبشرته بذلك، وقت له: إنما بت عندك لأرى عملك