والإيمان بالملائكة ينتظم معاني احهما التصديق بوجودهم، والآخر: إنزالهم منازلهم وإثبات أنهم عباد الله وخلقة كالإنس والجن، مأمورون مكلفون لا يقدرون إلا على ما يقدر لهم الله تعالى، والموت جائز عليهم ولكن الله جعل لهم أمداً بعيداً، فلا يتوفاهم حتى يبلغوه، ولا يوصفون بشيء يؤدي وصفهم به إلى إشراكهم بالله تعالى ولا يدعون آلهة كما قد دعتهم الأوائل. والثالث الإعتارف بأن منهم رسلاً لله تعالى يرسلهم إلى من يشاء من البشر.
وقد يحوز أن يرسل بعضهم إلى بعض ويتبع ذلك الإعتراف بأن منهم حملة العرش، ومنهم الصافون حوله، ومنهم خزنة الجنة، ومنهم خزنة النار، ومنهم كتبة الأعمال ومنهم الذين يسوقون السحاب، وقد ورد القرآن بذلك كله أو بأكثره، فأما إثباتهم في الجملة، فقد قال الله عز وجل:{وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم}.
وقال في الإيمان بهم خاصة:{أمن الرسول بما أنزل إليه من ربه، والمؤمنون، كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله}.
وأما أكثر ما في القرآن من ذكر الملائكة واستقصاه ذلك يطول. وأما إقرارهم ومنازلهم، فقد قال تعالى:{لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون}، {وقالوا اتخذ الرحمن ولداً، بل عباد مكرمون، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملونه، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعونه إلا لمن ارتضى، وهم من خشيته مشفقون، ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم، كذلك نجزي الظالمين}.