للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع والعشرون من شعب الإيمان

وهو باب الاعتكاف

قال عز وجل: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود} وقال: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد}. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان، لأنه كان يزداد فيه جدًا واجتهادًا. وروى عنه أنه كان إذا دخلت العشر أحيى الليل وشد المئزر وأيقظ أهله). وقال عطاء: سألت عائشة رضي الله عنها: كيف يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل رمضان؟ فقالت: كان ينام ويصلي ويأكل ويشرب، حتى إذا كان عشر البواقي شد ازاره وشمر، فليس له هم إلا الصلاة والدعاء، وقيل في معنى قوله (وشد المئزر) أنه عبارة عن التشمير ويدل عليه أنه قيل في بعض الروايات (رفع المئزر). وقيل معناه: كف عن النساء. ويدل عليه أنه قيل في بعض الروايات (شد المئزر واجتنب النساء) فلما كانت عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشر الأواخر اعتزل النساء، والجد والاجتهاد في العبادة، تحرى الاعتكاف فيها لوجهين: أحدهما أن الاعتكاف فيها أفضل منه فيما سواها. كما أنه في شهر رمضان -في الجملة -أفضل منه في غيره، لأن أفضل أعشار الشهر العشر الأواخر. كما أفضل الشهور شهر رمضان.

والوجه الآخر أن الإمامة في المسجد عون له على ما يريده من العبادة، فإن المسجد مبني للعبادة، فكما أن من أوى إلى بيته مالت نفسه إلى ما بنيت البيوت له من الجمام

<<  <  ج: ص:  >  >>