قال الله عز وجل:{قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون}. وقال:{والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كرامًا}. وقال:{وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه}.
واللغو الباطل الذي لا يتصل بفعل صحيح. ولا يكون لقائله فيه فائدة، وربما كان وبالًا عليه، ثم ينقسم فيكون منه أن يتكلم الرجل بما لا يعنيه من أمور الناس فيفشي أسرارهم، ويهتك أستارهم، ويذكر أموالهم وأحوالهم ومعاملاتهم من غير حاجة على شيء من ذلك عادة. سواء ألفها فلا يريد النزوع عنها، ويكون من الخوض فيما لا يحل من ذكر الفجار والفجور والفساق والفسوق، والملاهي ونحو ذلك. ويكون منه الافتخار بلأي الجاهلي والتمدح بها، والذكر للمعاملات المبينة على الاستطالة والعسف، بتقدير أن منها مفتخرًا وأن لها محتجًا، ويكون منه خوض المبطلين في القصائد والنحل فيما عندهم، وبفضلهم إياه على ما عندهم بالدعاوى والتوسع في المقال من غير حجة ولا برهان. ويكون منه إنشاد الأشعار المنقولة في ضروب الأحاديث، وتكون منه دراسة الحساب وفصول المسائل التي وضعوها في المثلثات والمربعات والمخمسات، مما لا يجدي على أهلها نفعًا في العاجل ولا في الآجل، والاشتغال بها تضييع للزمان، فكل ما كان لغوًا فينبغي أن لا يشتغل به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه).
قيل مر زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بموضع فسمع لهوًا فأسرع المشي، وقال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (نزهوا أسماعكم عن الباطل)