على موسى لئلا يعصوا لذلك منه أو يسبوه. فيكون المسلمون هم الجالبين لذلك إليه، ونعوذ بالله منه.
ويدخل في هذا الباب المحافظة على الجهاد في سبيل الله دفعًا للمشركين عن جوزة المسلمين، وإشفاقًا من أن يظهروا على شيء من الدار فيسبوا النساء والذراي، ويسترقوا الأحرار. لأن الغيرة المذكورة في الحديث، إن كانت الغيرة على النساء فهي تقتضي الجهاد ودفع الأعداء. وإن كانت الغيرة على الدين، فكذلك إن تمكين الكفار من إصابة المسلمات مخالف للدين. فالجهاد في الوجهين من الغيرة التي جاء في الحديث أنها من الإيمان وبالله التوفيق.
فأول ما يدخل في هذه الجملة، الغيرة من كل مسلم على دينه حتى لا يتسم بركوب المعاصي، ولا ينظر اليهود والنصارى إلى المسلمين وهم يتعاطون ما يزعمون أنه حرام عليهم، ويعلمون من أنفسهم كيف تحاشيهم محظورات أديانهم، حتى أن كبيرهم يحرم عليهم الشيء فلا يأتونه سرًا ولا جهرًا، ويحرم على الرجل أن يكلم امرأته فلا يكلمها ولا تكلمه وهما في بيت واحد ولا ثالث معهما. فيروا أن المسلمين ليسوا على ثقة من دينهم، وأنهم لو كانوا عالمين أن دينهم حق ليردعوا عما يحرمه دينهم. أو صدقوا إنما يقولون أنهم متحزبون بعد الموت، لا يشكوا عما يقدمون عليه. فهذا من أولى ما يغار به على الدين والله أعلم.